[center]
“تكتسب الأشياء قيمتها من انتظارنا لها
الانتظار إما لك أو عليك، إما يجعلك سيد أيامك أو عبداً لها.
يمتاز الإنسان عن سائر المخلوقات بأنه مخلوق ناطق ومفكر، وما يهمنا هنا بأنه مخلوق مركب على طبع الانتظار، ولعل الانتظار يمنح حياته بعدها الدرامي الحافل بالفرح والحزن والترقب والقلق والسلام ….
والانتظار يولد معنا ويكبر معنا منذ نعومة أظفارنا وأحلامنا، ولعل طبقة الطفولة المبكرة من طبقات عمرنا هي القطب الأول الذي يخلو من دوافع الانتظار وشحناته، فالطفل لا ينتظر شيئاً بالمعنى المستقبلي للكلمة، بل هو يعيش حاضره ومتطلباته لحظة بلحظة، يضحك خلال دقيقة ويبكي في الدقيقة التالية دون تأثير كل حالة في الأخرى، فحالاته كشريط الرسوم المتحركة مجموعة صور منفصلة تتصل بعرضها كلها فقط، والقطب الثاني المقابل هي مرحلة الشيخوخة، ففيها أيضاً الإنسان لا ينتظر شيئاً بل يعيش حاضره دقيقة بدقيقة، وتختلط عليه مساحات الحياة والموت، فيعيش الموت وكأنه اليوم حاصل ويعيش الحياة وكأنها اليوم آفلة، وفي كلا الحالتين من عمر الإنسان يكون قلب الإنسان خالياً من هموم الانتظار، وما بينهما من مجال زمني يشحن الإنسان بتوتر الانتظار . . وعشبة الانتظار المهدئة . . وحلاوة الانتظار ومرارته، فالولد ينتظر أن يكبر حتى يقال عنه شاب، والشاب ينتظر كي يكبر حتى يقال عنه رجل والجامعي ينتظر التخرج والمتخرج ينتظر العمل والموظف ينتظر فرصة الزواج والمتزوج ينتظر الأولاد والأب ينتظر أن يصبح أطفاله كباراً والجد ينتظر قدوم حفيده وهكذا لو أخذنا كل مسار من مسارات حياة أي إنسان رجلاً كان أو امرأة لوجدنا أنه مسار ملئ بمحطات الانتظار، وبعض الانتظار في حياتنا يدفعنا للنهوض والنجاح كأن أنتظر نتائج ما حصدت أو أن أتدرب على انتظار الثمار وأن أؤمن بدنو قطافها ولو بعد حين فهذا وذاك انتظار القوي والمؤمن والواثق الخطى الذي تمرس في فنون الصبر، وبعض الانتظار صرف للوقت وهدر للأيام في لا شيء، كأن أنتظر أن أربح ورقة يانصيب أو أن أنتظر فرصة باهرة لعمل أو تجارة أو منحة دراسية أو فتاة تصلح أن تكون فتاة كل الأحلام، فهذا انتظار من لا يملك سوى الانتظار، بمعنى أن تأسيس وبناء المقدمات ثم انتظار النتائج هو المطلوب أما انتظار النتائج دون مقدماتها فهذا التفكير لا يتسم بالعلمية وهذا المنطق لا يصلح لبناء المستقبل وهذا الوجدان لا يعوَّل عليه في صدِّ صروف الدهر وتبدل أحواله.
وهنا حضرتني مقولة ديكارت”أنا أفكر إذا أنا موجود” وأنا أقول من وجه آخر”أنا أنتظر إذا أنا موجود” فليس الانتظار دخان قطار العمر وليس صفير رياح الأيام وليس الانتظار هو الفراغ، بل الانتظار إما لك أو عليك، انتظر ما يستحق الانتظار ولا تنتظر ما لا يستحق الانتظار، وإلا كان انتظارك مضاداً للحياة وماصاً لنخاع العمر من فقرات الأيام، ولا تنتظر ما لا تعرف لأن قيمة الذي تنتظره ستتناسب هنا طرداً مع مدة انتظارك له فكلما طالت المدة زادت قيمته وهذا خطأ حسابي لا يغتفر لمن يعرف الطرح والجمع بأقل تقدير، بل عليك أن تنتظر ما تعرف قيمته بحيث لا يزيد انتظارك له من قيمته بل يزيد من قيمة تعلقك به وإيمانك به وإيمانك ببلوغه يوماً ما، فالذين ينتظرون المستقبل جيداً –كما قال ميخائيل نعيمة- سيعرف المستقبل كيف يكافئهم جيداً.
الانتظار إذاً، سيحل بنا وسيسكن دماءنا وأحلامنا شئنا أم أبينا، والانتظار سنصرف على مذبحه أعمارنا ونقطف على عتباته أزهار أحلامنا شئنا أيضاً أم أبينا، والانتظار سيجعلنا أسياد أيامنا أو عبيدها وسيدخلنا في متاهة اللعب معه، ومنا من سيطارد دخان الانتظار ولا يجني سوى الوعود والأماني والأحزان المفرطة، ومنا من سيرتل أنشودة الانتظار شريط ذكريات وعمل وتوثب على عتبات المستقبل.فالانتظار بُعدٌ ظاهر في حياتنا وباطن في تفكيرنا وهو رهن بنا، فلننتظر ما سنجده في نهاية المطاف أو أضعف الإيمان فلننتظر ما يمكن أن لا نجده ولا يأتي أبداً ولكنه يبقى حلماً جميلاً يشعّ كنجمة في أفق أيامنا ويمنحنا التجدد والدفئ، ولنعش جنداً لأحلامنا وقيمنا لأن الحياة لا تستحق أن تعاش إلا عندما يكون للخيال والأحلام نصيب الأسد منها.
سؤالي للأعضاء الكرام
*ماهو الشئ الذي تحس أنه يستحق الأنتظار ؟؟؟
* ماهي أطول مدة أنتظرت فيها وحصلت على ماتريد أوغيرت مسارك عنه بعد الأنتظار ؟؟؟
وتحيااااااااااااتي للجميع[/center]
“تكتسب الأشياء قيمتها من انتظارنا لها
الانتظار إما لك أو عليك، إما يجعلك سيد أيامك أو عبداً لها.
يمتاز الإنسان عن سائر المخلوقات بأنه مخلوق ناطق ومفكر، وما يهمنا هنا بأنه مخلوق مركب على طبع الانتظار، ولعل الانتظار يمنح حياته بعدها الدرامي الحافل بالفرح والحزن والترقب والقلق والسلام ….
والانتظار يولد معنا ويكبر معنا منذ نعومة أظفارنا وأحلامنا، ولعل طبقة الطفولة المبكرة من طبقات عمرنا هي القطب الأول الذي يخلو من دوافع الانتظار وشحناته، فالطفل لا ينتظر شيئاً بالمعنى المستقبلي للكلمة، بل هو يعيش حاضره ومتطلباته لحظة بلحظة، يضحك خلال دقيقة ويبكي في الدقيقة التالية دون تأثير كل حالة في الأخرى، فحالاته كشريط الرسوم المتحركة مجموعة صور منفصلة تتصل بعرضها كلها فقط، والقطب الثاني المقابل هي مرحلة الشيخوخة، ففيها أيضاً الإنسان لا ينتظر شيئاً بل يعيش حاضره دقيقة بدقيقة، وتختلط عليه مساحات الحياة والموت، فيعيش الموت وكأنه اليوم حاصل ويعيش الحياة وكأنها اليوم آفلة، وفي كلا الحالتين من عمر الإنسان يكون قلب الإنسان خالياً من هموم الانتظار، وما بينهما من مجال زمني يشحن الإنسان بتوتر الانتظار . . وعشبة الانتظار المهدئة . . وحلاوة الانتظار ومرارته، فالولد ينتظر أن يكبر حتى يقال عنه شاب، والشاب ينتظر كي يكبر حتى يقال عنه رجل والجامعي ينتظر التخرج والمتخرج ينتظر العمل والموظف ينتظر فرصة الزواج والمتزوج ينتظر الأولاد والأب ينتظر أن يصبح أطفاله كباراً والجد ينتظر قدوم حفيده وهكذا لو أخذنا كل مسار من مسارات حياة أي إنسان رجلاً كان أو امرأة لوجدنا أنه مسار ملئ بمحطات الانتظار، وبعض الانتظار في حياتنا يدفعنا للنهوض والنجاح كأن أنتظر نتائج ما حصدت أو أن أتدرب على انتظار الثمار وأن أؤمن بدنو قطافها ولو بعد حين فهذا وذاك انتظار القوي والمؤمن والواثق الخطى الذي تمرس في فنون الصبر، وبعض الانتظار صرف للوقت وهدر للأيام في لا شيء، كأن أنتظر أن أربح ورقة يانصيب أو أن أنتظر فرصة باهرة لعمل أو تجارة أو منحة دراسية أو فتاة تصلح أن تكون فتاة كل الأحلام، فهذا انتظار من لا يملك سوى الانتظار، بمعنى أن تأسيس وبناء المقدمات ثم انتظار النتائج هو المطلوب أما انتظار النتائج دون مقدماتها فهذا التفكير لا يتسم بالعلمية وهذا المنطق لا يصلح لبناء المستقبل وهذا الوجدان لا يعوَّل عليه في صدِّ صروف الدهر وتبدل أحواله.
وهنا حضرتني مقولة ديكارت”أنا أفكر إذا أنا موجود” وأنا أقول من وجه آخر”أنا أنتظر إذا أنا موجود” فليس الانتظار دخان قطار العمر وليس صفير رياح الأيام وليس الانتظار هو الفراغ، بل الانتظار إما لك أو عليك، انتظر ما يستحق الانتظار ولا تنتظر ما لا يستحق الانتظار، وإلا كان انتظارك مضاداً للحياة وماصاً لنخاع العمر من فقرات الأيام، ولا تنتظر ما لا تعرف لأن قيمة الذي تنتظره ستتناسب هنا طرداً مع مدة انتظارك له فكلما طالت المدة زادت قيمته وهذا خطأ حسابي لا يغتفر لمن يعرف الطرح والجمع بأقل تقدير، بل عليك أن تنتظر ما تعرف قيمته بحيث لا يزيد انتظارك له من قيمته بل يزيد من قيمة تعلقك به وإيمانك به وإيمانك ببلوغه يوماً ما، فالذين ينتظرون المستقبل جيداً –كما قال ميخائيل نعيمة- سيعرف المستقبل كيف يكافئهم جيداً.
الانتظار إذاً، سيحل بنا وسيسكن دماءنا وأحلامنا شئنا أم أبينا، والانتظار سنصرف على مذبحه أعمارنا ونقطف على عتباته أزهار أحلامنا شئنا أيضاً أم أبينا، والانتظار سيجعلنا أسياد أيامنا أو عبيدها وسيدخلنا في متاهة اللعب معه، ومنا من سيطارد دخان الانتظار ولا يجني سوى الوعود والأماني والأحزان المفرطة، ومنا من سيرتل أنشودة الانتظار شريط ذكريات وعمل وتوثب على عتبات المستقبل.فالانتظار بُعدٌ ظاهر في حياتنا وباطن في تفكيرنا وهو رهن بنا، فلننتظر ما سنجده في نهاية المطاف أو أضعف الإيمان فلننتظر ما يمكن أن لا نجده ولا يأتي أبداً ولكنه يبقى حلماً جميلاً يشعّ كنجمة في أفق أيامنا ويمنحنا التجدد والدفئ، ولنعش جنداً لأحلامنا وقيمنا لأن الحياة لا تستحق أن تعاش إلا عندما يكون للخيال والأحلام نصيب الأسد منها.
سؤالي للأعضاء الكرام
*ماهو الشئ الذي تحس أنه يستحق الأنتظار ؟؟؟
* ماهي أطول مدة أنتظرت فيها وحصلت على ماتريد أوغيرت مسارك عنه بعد الأنتظار ؟؟؟
وتحيااااااااااااتي للجميع[/center]