( ليـــالي رمضــان في دمشــق )
ليالي رمضان في دمشق لها روعة وجلال. وكان الدماشقة يحيون ليالي هذا الشهر بإقامة التراويح بأحسن أداء، والمكبّرون يلوّنون في التكبير بالأصوات الحسنة، والإمام يصلّيها بسورة الرحمن بصوت حسن. وفي أخريات الشهر يصلّون مع الإمام اثنتي عشر ركعة عقب التراويح، يطلقون عليها اسم صلاة الرغائب. كما يحيون تلك الليالي بتلاوة القرآن في المساجد والدور.
وفي هذا الشهر، تعود السهرات الدمشقية العريقة إلى مجدها الذي غاب طوال السنة. وفي هذه السهرات يجتمع الأقارب نساء ورجالاً، يتبادلون النكات، ورواية أخبار السلف وقفشاتهم. ولا يزال لتلك السهرات الرواسب العذبة في نفوس القوم. وبعض هذه السهرات يتخللها الغناء والطرب البريء، وبعضها الآخر يقوم على التحدث عن الناس، وتسمى "مقلاية" إشارةً إلى ذكر عيوب الآخرين وتقليب أوضاعهم. ومع أن الغيبة والنميمة من المحرّمات، فإنها محلّلة في عرف الدماشقة خلال سهراتهم في ليالي رمضان! فما أن يذكر اسم شخص حتى تذكر مساوئه وتُغفل محاسنه، ويقلّب في المقلاء ذات اليمين وذات الشمال، ولا يُترك إلا وهو محروق!
ومن لم يتيسر له ذلك، ينطلق إلى المقهى بعد صلاة العشاء والتراويح لتمضية بعض الوقت، فيتناول الشاي أو المرطّبات، وقد يدخّن النارجيلة (الأركيلة) ويستمع إلى الحكواتي إذا شاء. وقد يحضر مشهداً لخيال الظل إذا رغب ...
رمضان وتقاليده الشامية